أخبار عالمية

الطريق إلى السلطة: قصة انتخاب أحمد الشرع كرئيس انتقالي لسوريا

 في خضم الأزمات السياسية والاجتماعية التي تعصف بالعديد من الدول العربية، تبرز قصة انتخاب أحمد الشرع كرئيس انتقالي لسوريا كواحدة من أكثر القصص إثارة للاهتمام. هذه القصة لا تتناول فقط مسارًا سياسيًا معقدًا، بل تعكس أيضًا التحديات التي تواجهها سوريا في سعيها نحو الاستقرار والديمقراطية. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل الطريق الذي سلكه أحمد الشرع للوصول إلى السلطة، والظروف التي أحاطت بانتخابه، وأول زيارة خارجية قام بها كرئيس انتقالي.

الخلفية السياسية لسوريا

قبل الخوض في تفاصيل انتخاب أحمد الشرع، من الضروري فهم الخلفية السياسية لسوريا. منذ استيلاء حزب البعث على السلطة في انقلاب عام 1963، حكمت سوريا بنظام شمولي تحت قيادة عائلة الأسد. بعد وفاة حافظ الأسد في عام 2000، تولى ابنه بشار الأسد السلطة، واستمر في سياسات والده القمعية.

اندلعت الاحتجاجات الشعبية في سوريا في عام 2011 كجزء من الربيع العربي، مطالبين بالإصلاحات السياسية والاقتصادية. ومع ذلك، تحولت هذه الاحتجاجات إلى حرب أهلية طاحنة بعد قمع النظام لها بعنف. أدت الحرب إلى تدمير كبير في البنية التحتية للبلاد، وتشريد ملايين السوريين، وتدخل دولي معقد.

أحمد الشرع: السيرة الذاتية

أحمد حسين الشرع، اوالمعروف سابقا باسم ابو محمد الجولاني المولود في 29 أكتوبر 1982، هو قائد ثوري وعسكري وسياسي سوري يشغل منصب رئيس الجمهورية العربية السورية للمرحلة الانتقالية منذ 29 يناير 2025. ولد في الرياض لعائلة سورية سنية من مرتفعات الجولان، ونشأ في دمشق. انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق قبل غزو العراق عام 2003 وشارك في التمرد العراقي. اعتقلته القوات الأمريكية من 2006 إلى 2011، وبعد إطلاق سراحه، أسس جبهة النصرة عام 2012 بدعم من القاعدة للمشاركة في الحرب الأهلية السورية ضد نظام بشار الأسد.

قاد الشرع هيئة تحرير الشام من 2017 إلى 2024، وأسهم بشكل رئيسي في هجمات المعارضة السورية عام 2024، مما أدى إلى سقوط نظام الأسد وتشكيل الحكومة الانتقالية في ديسمبر 2024. تم تعيينه رئيسًا انتقاليًا في يناير 2025، وتلقى تهنئات من عدة دول عربية.

أدرجت الولايات المتحدة الشرع على قائمة الإرهابيين الدوليين في 2013، ولكن ألغي هذا الإدراج في ديسمبر 2024 بعد اجتماعه مع وفد أمريكي. قطع الشرع صلاته بالقاعدة عام 2016 وسعى لتحقيق شرعية دولية من خلال إدارة شؤون سوريا بدلًا من الجهاد العابر للحدود. قدم نفسه في السنوات الأخيرة برؤية أكثر اعتدالًا، متعهدًا بحماية الأقليات السورية وعدم خوض حرب ضد الدول الغربية.

الظروف التي أدت إلى انتخاب الشرع

قبل انتخاب أحمد الشرع كرئيس انتقالي، كانت سوريا تعاني من حالة من الاضطراب السياسي العميق. الإخفاقات السياسية، الحرب الأهلية الممتدة لأكثر من عشر سنوات، والصراعات الداخلية بين الفصائل المسلحة كانت من أبرز عوامل عدم الاستقرار.بعد سنوات من الصراع المستمر، تمكنت قوات المعارضة بقيادة الشرع من تحقيق تقدم ملحوظ في أواخر عام 2024، مما أدى إلى انهيار نظام الأسد في ديسمبر من نفس العام. في أعقاب هذا الانتصار، أُعلن عن تشكيل حكومة انتقالية برئاسة أحمد الشرع، بهدف قيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار ولهذا كان الوضع السياسي معقدًا جدًا.

تولي الشرع مقاليد الحكم

مع إعلان إدارة العمليات العسكرية في سوريا عن تكليف أحمد الشرع كرئيس انتقالي للبلاد في ال 29 من يناير عام 2025، بدأ فصل جديد في تاريخ السياسة السورية. تم اتخاذ هذا القرار خلال اجتماع تاريخي حضرته الفصائل العسكرية والثورية في قصر الشعب بدمشق. الخطوة تعكس عدة تغييرات جذرية، منها:

  • إلغاء الدستور الحالي.
  • حل حزب البعث العربي الاشتراكي.
  • تفويض أحمد الشرع بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت.

تلك التغييرات تشير إلى رغبة مؤسسات جديدة في بناء أساس مختلف يهدف إلى تحسين مستقبل البلاد وإعادة تأسيس النظام السياسي، مما قد يؤدي إلى مزيد من التحولات الاجتماعية والاقتصادية في سوريا.

التحديات التي يواجها الشرع

بمجرد تولي أحمد الشرع رئاسة المرحلة الانتقالية، واجهته مجموعة من التحديات الكبرى التي يتعين عليه التغلب عليها لقيادة سوريا نحو الاستقرار. يواجه أحمد الشرع تحديات كبيرة في قيادة سوريا خلال المرحلة الانتقالية، بما في ذلك إعادة بناء البلاد، تحقيق المصالحة الوطنية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. بالإضافة إلى ذلك، يتعين عليه التعامل مع المجتمع الدولي لضمان رفع العقوبات المفروضة على سوريا ودعم جهود إعادة الإعمار.

من خلال قيادته، يأمل السوريون في تحقيق الاستقرار والسلام بعد سنوات من الصراع، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.هذه التحديات تتطلب رؤية استراتيجية واضحة والتنفيذ الفوري لتكون فعالة:

التحولات الاقتصادية: يتعين على الشرع العمل على استعادة الاقتصاد المريض، وتوفير الظروف المواتية لجذب الاستثمارات، الأمر الذي يحتاج إلى استقرار سياسي واجتماعي.

إعادة بناء الدولة: بعد سنوات من الحرب، كان نظام الأسد قد دمر المؤسسات الأساسية للدولة. الشرع يواجه مهمة صعبة تتمثل في إعادة بناء الجيش والشرطة والبنية التحتية.

ضمان الأمن والاستقرار: هناك حاجة ملحة لإنهاء السيطرة الفصائلية وضمان وحدة الأراضي السورية. وقد يتطلب ذلك إعادة دمج القوات تحت قيادة واحدة.

أول زيارة خارجية للشرع

في إطار سعيه لتعزيز العلاقات الدولية والحصول على دعم لإعادة إعمار سوريا، سيقوم الرئيس أحمد الشرع بأول زيارة رسمية له إلى المملكة العربية السعودية في 2 فبراير 2025. خلال هذه الزيارة، سيلتقى بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لمناقشة سبل دعم سوريا في المرحلة الانتقالية ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

تُعتبر هذه الزيارة خطوة مهمة نحو إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تُعد لاعبًا رئيسيًا في المنطقة. كما تعكس هذه الزيارة رغبة الحكومة الانتقالية في بناء علاقات متوازنة مع الدول العربية والمجتمع الدولي.

و في النهاية يمثل أحمد الشرع رمزًا لمرحلة جديدة في تاريخ سوريا، حيث يقود البلاد خلال فترة انتقالية حاسمة. تتطلب هذه المرحلة جهودًا كبيرة للتغلب على التحديات الداخلية والخارجية، وبناء مستقبل أفضل للشعب السوري. ستكون قدرته على تحقيق التوازن بين مختلف القوى الداخلية والخارجية، وضمان الاستقرار والأمن، مفتاحًا لنجاحه في قيادة البلاد نحو مستقبل مشرق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى